رؤى وآفاق
حطيئة القرن السادس
حسان بن نمير الكلبي الملقب بعرقلة الكلبي هو حطيئة القرن السادس فهو قصير اعور قبيح الوجه، يهجو نفسه ويرى انه اهل لذلك وحسان بن نمير من قبيلة كلب، والحطيئة من قبيلة عبس احدى قبائل غطفان، وغطفان وكلب متجاورتان في المساكن وقد حدثت حرب عظيمة بين القبيلتين في القرن الاول اخمدها عبدالملك بن مروان عندما ارسل الحجاج الى القبيلتين المتحاربتين ومع ان الحطيئة ينتسب الى قبيلة مشهورة فإنه لايعد من الشعراء المدافعين عن القبيلة فهو مهتم بعيشه اكثر من اهتمامه بقبيلته وكذلك عرقلة الكلبي فهو مهتم بعيشه ولم يهتم بقبيلته، وقد سعى عرقلة في سبيل العيش، فمدح الملوك والوزراء وممن مدحه جمال الدين الاصبهاني في الموصل وقد قال في اخر قصيدته تلك:
مولاي ان الكلبي عرقلة
مثل المعيدي صاحب المثل
يشير الى المثل سماعك بالمعيدي خير من ان تراه ويعرض الشاعر سيرة الانسان في الحياة وانتقاله من الشباب الى المشيب جاعلا من نفسه شخصا يتندر به لتبقى الصورة ماثلة امام كل انسان:
نتفت السواد من العارضين
عند الشبيبة نتفا عنيفا
فلما كبرت نتفت البياض
وقد صار بعد الجنى الغض ليفا
فلو علم الناس بالحالتين
لما لقبوني الا النتيفا
ويذكر عوره وقبحه في واحدة من نوادره ، ولا يرى غضاضة في ذلك لانه قد اعتاد على هذه الامور فبينماكان يمشي مع غلام طويل قال:
من رآه ورآني
قال ذا غير اتفاق
أعور الدجال يمشي
خلف عوج بن عناق
ويقول في قطعة قماش طلبها من كاتب الانشاء في ديوان الخليفة ببغداد:
فابعثنها صفيقة مثل وجهي
جل من صاغ جلده من حديد
واجعلنها طويلة مثل قرني
ولساني لامثل قدي وجيدي
كي أرى في الشام شيخا خليعا
في قميص من العراق جديد
واذا كان عرقلة يذم نفسه فإنه الى هجاء غيره اسرع، فهجاؤه موجع لانه يمزجه بالملح فيحفظ ويبقى في الذاكرة، يقول في ممدوحيه الذين لايجزلون له العطاء:
اجازى على الشعر الشعير وانه
كثير اذا استخلصته من بهائم
وقال في رجل وعده فأخلف:
لك وجه كأنه البدر لكن اذا كسف
وقد استمع الى مغنية اسمها خراطيم ولم يعجبه غناؤها وقد ضاق به فقال:
تقول خراطيم لما اتي
ت اهلا بذا الشاعر الاحول
وغنت فقلت لجلاسها
شبيه بنصف اسمها الاول
وقال في شاعر من بني اسد يدعى ابا الوحش:
ابا الوحش جملت اهل الادب
لانك اطول قومي ذنب
وبالاضافة الى هجائه الكثير والمؤثر فله شعر جيد في اغراض مختلفة، بل ان شعره يحمل من الصور المعجبة الشيء الكثير، من مثل قوله:
قومي اسمعي ياهذه وتأملي
رقص الغصون على غناء البلبل
ويبدو ان عرقلة الكلبي ليس له اتجاه فكري او قومي بدليل قوله:
ذر الاتراك والعربا
وكن في حزب من غلبا
والشاعر من شعراء صلاح الدين فقد مدحه واشاد به في عدد من القصائد ودعا الجند الى اتباعه والسير معه، فهو يقول:
الا يامعشر الاجناد سيروا
وراء لوائه تلقوا رشادا
الا ان شعر عرقلة وشعر من عاصره من الشعراء لم يخلِّد انتصارات صلاح الدين في مصر والشام، فقد ذهب الشعر والشعراء وبقي اسم صلاح الدين بعكس الحمدانيين الذين ذهبوا وبقي اسم مادحهم المتنبي، وقد ترجم العماد الاصبهاني في الخريدة لعرقلة ووصفه بالقصر والعور والخلاعة ولكنه اشاد بهجائه ونوادره
دعبدالعزيز بن محمد الفيصل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved