رؤى وآفاق
ودخل عام الفتح
يحل علينا هذه الأيام عام هجري جديد، عام يختلف عن الأعوام السابقة، انه عام فتح الرياض، ففي سنة 1319ه وثب صقر الجزيرة على عاصمة ملك آبائه واجداده واستخلصها لنفسه، وهذا العام 1419ه يذكرنا بعام الفتح فنحن نعيش في تسع عشرة سنة من القرن الخامس عشر ولكنها ترجعنا الى سنة تسع عشرة من القرن الرابع عشر، فهذا العام 19 نعده عام الفتح وان كنا نحتفل بمرور مائة سنة على فتح الرياض، ان هذا العام عام عز ونصر واجتماع بلاد ووحدة قلوب ونبذ فرقة,, لقد وفق الله صقر الجزيرة الى ضم البلاد القريبة من الرياض مثل الخرج وسدير والافلاج ووادي الدواسر فكانت هذه البلاد سنداً له امام خصمه ثم ضم بعد ذلك القصيم فكانت تلك البلاد التي وحدها تحت رايته قاعدة لوثباته المتوالية في ضم الاحساء وعسير وحائل والحجاز ونجران، لقد لمَّ بطل الجزيرة الشمل فأمنت البلاد بعد الخوف,
ان وضع الجزيرة العربية في اول القرن الرابع عشر يظهر لنا جلياً في مجالس كبار السن فماذا يستمع الجالس من الاحاديث؟ انه يستمع الى ان تلك القبيلة اغارت على القبيلة الفلانية واستاقت اغنامها وان الفارس الفلاني يوصف بالبطل لأنه يغير على القبائل ويكسب المال من الابل والغنم، كما يستمع الى قصة سلب رجل من اهل اليمامة سافر من بلده الى الدلم وسلب في الطريق,, كما يستمع الى قصة ثلاثة سافروا من العودة الى القصب فسلبوا في جبال أراط، وان جماعة من اهل الاحساء سافروا للعقير فسلبوا وان رجلا من اهل الظفير فقد ثوره على الرغم من ان الثور داخل البيت لان اللصوص انحدروا من فتحة في السقف فذبحوا الثور واخرجوه لحما وعندما اصبح الرجل لم يجد اثراً للثور مع ان الباب مغلق، ان الجالس يستمع الى الكثير من هذه القصص التي تبرز الوجه الأمني للجزيرة العربية في اول القرن الرابع عشر، ان تلك القصص الكثيرة ليست من نسج الخيال وانما هي ثابتة عن طريق الرواية المتواترة، فاذا قلنا ان عبد العزيز انقذ البلاد فاننا لا نقول الا الواقع، لقد عمل الملك عبد العزيز اعمالاً جبارة لتحويل البادية الى حاضرة، فأنشئت القرى التي عرفت بالهجر واستقر كثير من البدو في تلك القرى التي تحولت في وقتنا الحاضر الى مدن,
ومن عبقرية الملك عبد العزيز انه اعطى العسكرية حقها ولم يهمل الاصلاح، فهو قائد فذ تثبت ذلك سيرته منذ فتح الرياض الى اعلان اسم المملكة العربية السعودية وقد عالج أمر الحركات المناوئة معالجة حكيمة في شمال البلاد وفي غربها مما يثبت حنكته ودرايته بمعالجة امر البادية,
وبعد توحيد البلاد اتجه موحد الجزيرة الى الاصلاح والتنظيم فأنشأ العلاقات السياسية مع الدول العربية والأجنبية، ووجّه بتنشيط اقتصاد البلاد عن طريق التبادل التجاري مع الدول المجاورة، والبحث عن النفط فحفرت بئر الظهران وخرج منها النفط، فأتاح عائده للبلاد مد سكة الحديد من الدمام الى الرياض، وفتح بعض المدارس في المدن الكبيرة والمتوسطة، فاتجهت الى العمل فيها فئة من طالبي الوظائف وانتشر العلم وتقلص الجهل، كما اتاح النفط للبلاد فتح بعض المستشفيات، فتحسنت صحة المواطن وحوصرت الأمراض التي كانت تفتك بالصغار,
وقد أمر الملك عبد العزيز بحفر الآبار للبادية في اماكن اقامتهم وذلك حلم من الاحلام في نظرهم؛ فتدفق الماء في الصمان وفي العرمة وفي عالية نجد، فساعد توافر الماء بجوار المرعى على زيادة اعداد الماشية ووفرة الثروة الحيوانية,
لقد كانت صلة الملك عبد العزيز بربه قوية وذلك سر توفيقه، كما كانت صلته بشعبه صلة محبة، وليعلم كل مواطن في المملكة العربية السعودية ان ما نحن فيه من تقدم ورغد عيش ثمرة من ثمرات فتح الرياض,
د, عبد العزيز بن محمد الفيصل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved