رؤى وآفاق
الإعلام سلاح هذا العصر
الاحتفاء بالشاعر في العصر الجاهلي أساسه ما تأصل في نفوس العرب من ان الشاعر وعاء إعلامي، فالشعر ظرف الاعلام، وقد بنيت القصيدة من خلال تلك النظرة فجاء
البيت مستقلاً بمعناه ليسهل حفظه ويضمن الشاعر سيرورته اما الوسائل الاعلامية الأخرى فهي محدودة فمسيلمة في معركة اليمامة اعتمد في نقل أخبار المعركة على
الرجال الذين انتظموا في نطاق سماع الصوت من عقر باء الى الخرج فكانت أخبار المعركة تصل الى الخرج في وقت قصير، وقد استخدم خلفاء بني أمية الخيل المسرجة
للاعلام بأخبار المعارك، فكانت الأخبار تصل الى دمشق من أقصى بقعة من ارض الخلافة في ثلاثة ايام، عن طريق الخيل المسرجة في كل مركز، وقد استمر الاعلام في
ركوده حتى اخترعت المطبعة فكانت فتحاً جديداً مهد السبيل لوجود الصحف وانتشارها، وقد اقترن العصر الحديث بالصحف (وآية هذا الزمان الصحف) فهي سمة العصر
وبما ان الصحف تصدر في عواصم الدول الموصوفة بالمتقدمة فقد اتجهت الأنظار الى تلك العواصم وصحفها وانبهر العالم بذلك فاعتاد الناس على تقبل ما ينشر في تلك
الصحف وان كان يسيء اليهم، ولما اخترع المذياع ثم التلفاز وتعددت القنوات الفضائية كان الناس خارج الدول الموصوفة بالمتقدمة قد اعتادوا على الذلة وحسن
التلقي والتصديق لما يصدر عن تلك المراكز الموصوفة بالعالمية حتى انهم في بلادنا صدقوا بأنهم الشرق الادنى ولا يهمهم الأدنى لمن؟! لأنهم يصدقون فهم الشرق
الأدنى لجزيرة في الشمال الغربي من الدنيا، ثم بدا لاعلامهم فيما بعد ان يطلق على قلب الدنيا ومراكز العبادات الشرق الأوسط فصدق الناس ذلك فأنشأوا الصحف
والاذاعات بناء على معطيات الاعلام الغربي، وقد خرج الحاسب وتفرع عنه ترابط شبكاته (الانترنت) واندفع الأطفال والشباب الى تلك النافذة التي تطل بهم على
العالم، فهم يأخذون ما فيها بدون محاكمة عقلية، فسهلت للآخرين إغراق عقول الشباب بما يريدون، ومنذ أن عرفت تلك الوسائل وهي أدوات للتقليل من شأن العرب
والمسلمين والدس عليهم في دينهم وعاداتهم ولغتهم وقدراتهم وعندما امتدت وسائل الاعلام الى البلاد الاسلامية والعربية تسنم العمل فيها من يشارك اصحابها في
العقيدة او يؤمن ان الحق مع الغرب في كل شيء فسار هؤلاء في المسار الذي يقلل من شأن العرب والمسلمين،
وقد اسهم المال اليهودي في توجيه الاعلام الغربي الى إضعاف العزائم والإحباط، والمال اليهودي يهيمن على دور النشر والمطابع، ودور الاذاعة والتلفاز فأين
المال العربي والاسلامي؟ ولماذا لا يتجه الى امتلاك الصحف والقنوات الفضائية؟ لقد قرأنا في الصحف منذ ايام ان عدداً غير قليل من الذين يصنفون من أثرياء
العالم في المملكة والخليج فمنهم من يملك خمسين ملياراً من الدولارات، وأكثر وأقل، فلماذا لا يكون للمليونير مكتب استشارة فيه الاعلامي والاقتصادي
والفقيه والاديب وعالم اللغة والطبيب، وتكون مهمة المكتب تقديم المشورة الهادفة الى فعل الخير، ففعل الخير لا ينحصر في حقل من حقوله مثل بناء المساجد
والمستشفيات وانما يتجاوزها الى انشاء صحيفة تدافع عن حق العرب والمسلمين، او انشاء محطة فضائية، او تأليف كتاب نافع، والدفاع عن حق العرب والمسلمين لا
ينحصر في قضية فلسطين، وانما يشمل حقوقهم في تشريعهم وعاداتهم ولغتهم ويثبّت الثقة في نفوس الشباب، ممن لا يفهم اليوم الا لغة الاعلام الغربي، ان باستطاعة
الوليد ابن طلال او الراجحي او ابن محفوظ او العليان او الشربتلي او الرميزان او ابن موسى ان يعملوا الكثير في تعزيز الثقة بالنفس من ان التشريع الاسلامي
المحارب من قبل الإعلام الغربي هو المرغوب فيه في البلاد الاسلامية، وان انظمة الحكم والادارة التي ينظر اليها نظرة الأنموذج غير مرغوب فيها في البلاد
الاسلامية، وان اللغة العربية التي بدأت تحارب في الجزائر وفي غيرها هي المقدمة في البلاد الاسلامية، ان اتخاذ مراكز العالم مثل لندن وباريس ونيويورك
منطلقاً للتعريف بحقوق العرب والمسلمين في تشريعهم ولغتهم وآدابهم فعل خير يبقى لصاحبه في الدنيا ويجد جزاءه في الآخرة ان شاء الله،
د، عبد العزيز بن محمد الفيصل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved