والشباب الذين يركضون خلفها، ويذكر الخبر ان هذا المهرجان يستمر اسبوعا وان له عشاقا ينتظرونه في كل عام، واذا كانت هذه الرياضة قد تأصلت عند الاسبان في
اسبانيا، وعند الاسبان الذين هاجروا الى أمريكا اللاتينية فهذا شأنهم في رياضتهم المفضلة، أما نحن فلا نحبذ أي رياضة فيها عذاب وشقاء للحيوان، فالرياضة
وسيلة لنشاط الجسم وقوته، وأما أنواع الرياضة التي تجعل من الحيوان وسيلة للتسلية مثل مصارعة الثيران، أو تناطح الخراف، أو تناقر الديكة أو مهارشة الكلاب،
فكل هذه الأنواع لا نقرها، لأن فيها عذابا للحيوان، أما سباق الخيل أو سباق الإبل، فهو رياضة لا حرج فيها، لأن الحيوان في السباق لا يُنال منه الى حد
الهلاك، كما يفعل بالثور، أو بالديك، أو بالكلب،
وإنما السباق في حدود طاقة الحصان أو الجمل، والدليل على ذلك ان السباق تحدد له مسافة تقرن بقدرة الجواد، أو بقدرة الجمل على قطع المسافة في الوقت المحدد،
وأعود الى مدينة بنبلونة فأقول: انني اكتب عن هذه المدينة لأن تاريخنا يربطنا بها في أيام ازدهار الدولة الاسلامية في الاندلس، فقد حدثت أحداث في هذه
المدينة سطرها الشاعر ابن دراج في قصائده، كما سطرها غيره من الشعراء، ولكن ابن دراج تقدم في هذا الشأن، لأنه سجل الوقائع، وأشاد بالقواد، وأسهم في صناعة
التاريخ، فقد حدثت في هذه المدينة موقعة عظيمة بين القائد الشجاع المنصور بن ابي عامر وبين تحالف الإمارات الشمالية المتكونة من: قشتالة وكان أميرها شانجة
بن غرسيه بن فرذلند، ونبارة وحاكمها غرسيه بن شانجة، وقريون وحاكمها غرسيه بن غومس، وليون وحاكمها الفنش بن برمتد، وقد انتصر المنصور على هؤلاء جميعا،
واجتاحت الجيوش الاسلامية أرض بنبلونة، وكان ذلك في الخامس والعشرين من شعبان سنة تسعين وثلاثمائة ه في الثلاثين من يوليو سنة ألف ميلادي، والامارات التي
انتصر عليها المنصور بن أبي عامر استمرت في تحرشها بالمسلمين، ودام الصراع قرونا طويلة، استمر أكثر من أربعة قرون، أما الصراع على مدينة بنبلونة وما
حولها من الأرض والامارات في آخر أيام الدولة الأموية بالأندلس فقد حسمه المنصور بن أبي عامر في معركة من أعظم المعارك التي شهدتها ارض بنبلونة ان لم تكن
أعظمها جميعا، وقد أشاد ابن دراج بانتصار المنصور بن أبي عامر، وسجله في قصائده، ومن أشهر تلك القصائد قصيدته التي مطلعها