رؤى وآفاق
عينا أبي سفيان
صخر بن حرب بن امية سيد قومه في الجاهلية وامير مكة، وحامي تجارتها، قاد الرحلة من مكة الى الشام اكثر من مرة فحمى العير، ونمت تجارة قريش، وقد كان ابو
سفيان معروفاً في الشام عند الخاصة والعامة، فقيصر يعرفه ويستشيره في بعض اموره، فعندما وصل اليه خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع دحية بن خليفة
،-وكان ابو سفيان في الشام- استدعاه وسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الاجتماع بين قيصر وابي سفيان في بيت المقدس,
وقد وقف ابو سفيان من الاسلام موقف المحارب، فنجا بالعير واوصلها الى مكة، وحرض قريشاً على الخروج الى حرب المسلمين في بدر، ثم قاد جموع قريش في معركة
احد، وسمت مكانته فيهم، لما حقق لهم من الثبات في وجوه المسلمين، وفي معركة الخندق خرج بقريش الى المدينة، وتكالبت القوى الثلاث على المسلمين: قريش،
والاعراب، بزعامة غطفان، واليهود,
وقد استقر رأي المسلمين على حماية المدينة، لان القوة المحيطة بيثرب قوة عظيمة من الصعب الانتصار عليها، فحفر المسلمون الخندق، واجتهدوا في حمايته
وحراسته، ومع ذلك فان فتياناً من قريش منهم عكرمة بن ابي جهل، وهبيرة بين ابي وهب، وضرار بن الخطاب الشاعر، وعمرو بن عبدوُدّ قد روضوا خيلهم على تخطي
الحواجز واجتياز الاودية في مهارات خاصة بهم، فجالت بهم خيلهم حول الخندق، فما كان من احدهم الا ان رأى مكاناً ضيقاً في الخندق، فأجال فرسه مرة او مرتين
فاذا هي تهاب التجاوز، فلحظ ذلك فارس آخر، ففر ثم كرنحو الخندق وهو يلهب جسم فرسه بالسوط فأقبلت الفرس نحو الخندق وكأنها ريشة طائر قد حملتها العاصفة،
فقفزت الفرس الخندق وعلى ظهرها فارسها ثم توالى عبور الفرسان، ولكن فئة الفرسان تلك ليست كثيرة، فأسرع المسلمون بقيادة علي بن ابي طالب الى الثغرة التي
عبر منها الفرسان، وحصروا المشركين، ولم يستطيعوا العودة الى قومهم, وفي ليلة شديدة الريح من ليالي معركة الخندق التفت النبي صلى الله عليه وسلم الى
اصحابه وقال: من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع فما قام احد, ثم توجه النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب الى حذيفة بن اليمان، يقول حذيفة فتوجهت
الى القوم واقتربت من ابي سفيان وجلست بجانب رجل، فاذا ابو سفيان بدهاء القيادة يقول بصوت مسموع: يا قوم: لينظر امرؤ من جليسه، يقول حذيفة وكان سهمي يصل
الى ابي سفيان ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحدث شيئاً,وفي يوم فتح مكة جاء به العباس الى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه النبي صلى الله
عليه وسلم قال: ويحك ابا سفيان اما آن لك ان تعلم ان لا اله الا الله فقال بابي انت وامي ما اوصلك واحلمك واكرمك، والله لقد ظننت انه لو كان مع الله اله
غيره لقد كان اغنى شيئاً, فقال: ويحك يا ابا سفيان ألم يأن لك ان تعلم اني رسول الله فقال: بابي انت وامي ما اوصلك واحلمك واكرمك، اما هذه ففي النفس
منها شيء ثم التفت اليه العباس فقال اشهد بشهادة الحق فشهد واسلم,وقد شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم معركة حنين وفتح الطائف وقد اصاب عينه سهم في معركة
فتح الطائف فجاء بها الى الرسول صلى الله عليه وسلم وهي في يده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ايما احب اليك، عين في الجنة او ادعو الله لك ان يردها
عليك فقال ابو سفيان: بل عين في الجنة، ومنذ ذلك اليوم وابو سفيان معدود في العوران,وفي معركة اليرموك فقد ابو سفيان عينه الاخرى وهو يجاهد في سبيل الله
تحت راية ابنه يزيد، ويقول: يا نصر الله اقترب، وقد هدأت الاصوات من شدة القتال، ولم يجزع ابو سفيان على عينيه لانه فقدهما وهو يقاتل في سبيل الله، وقد
اخبره النبي صلى الله عليه وسلم بالعوض عن عينه التي فقدها في معركة الطائف، وبقي ابو سفيان اعمى وهو يؤمل برد بصره اليه في الجنة، وقد امتد به العمر الى
التسعين وقيل بل تجاوزها بسنوات,
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved