رؤى وآفاق
أمَّتي
شكوى تمتد الى ما لا نهاية، وأسى يملأ الصدور، وتضيق به الحناجر، هي حيرة تغلق النوافذ، وتوصد الابواب على اصحاب العقول النيرة من ابناء الامة العربية،
لقد تكالبت الامم على امتنا واستهانت بها، ونحن نبحث عن المخرج فلا نهتدي اليه, فئة تنادي بالعلمنة والحداثة في كل شيء حتى وصلت الحال ببعض افراد هذه
الفئة الى الهرطقة والهلوسة، وفئة تنادي بالمثل الاسلامية الكاملة، واين امتنا الحاضرة مما كان عليه الصحابة! فذاك مطلب بعيد، وامل لم يحققه من كان قبلنا
ممن هم اقرب الى زمن الصحابة منا، وفئة ثالثة اكتفت بالشكوى، واستحضار الماضي، ومقارنته بالواقع، ليقف الجيل الحاضر على ما انجزته الامة العربية الاسلامية
في ماضيها، لعل هذا الجيل تنزع به طموحاته الى تحقيق شيء قريب مما حققته الامة العربية الاسلامية في ماضيها، وهذه الفئة الثالثة تنفس عن معاناتها بالانتاج
الادبي والفكري، لعل هذا الانتاج الذي يرقد في رفوف المكتبات يجد طريقه في يوم من الايام الى اصحاب شمم وكبرياء وأنفة، فيغصبون لامتهم ويثأرون لجرحها,
والانتاج الفكري والادبي مجال فسيح لمن اراد ان يشارك اولئك الادباء والمفكرين في معاناتهم وآلامهم تجاه امتهم، واوطانها المهددة من كل جانب ، فعمر ابو
ريشة عندما قال قصيدة - قبل خمسين عاما -
امتي، هل لك بين الأمم
منبر للسيف أو للقلم
أراد بها استنهاض الهمم، وصيانة الكرامة، والتذكير بما للامة العربية الاسلامية من ماض مجيد، وان الامة لديها مقومات البناء اذا توافرت العزيمة واقترنت
بالصدق، والبعد عن الانانية وهذه القصيدة قيلت بعد نكبة (1948م) فلم ييأس الشاعر، ولم يقنط بعكس نزار قباني الذي قال قصيدته بعد هزيمة (1967م) وكلها شتم
وسب، واستصغار لما تملكه الامة في ماضيها وحاضرها,
ان الامم القوية تسعى جاهدة الى اذلال العرب والمسلمين بطرق شتى، وتسلك الى اغراضها مسالك مختلفة ، ونحن لانزال في غفلتنا، اذا مر حدث وايقظنا عملنا
هنيهة، ثم نركن بعد ذلك الى الدعة، ونتناسى هموم امتنا, والأمم من حولنا تعمل ليل نهار في ايام الخطوب، وفي ايام السلم، فلا تعرف الراحة ولا تركن الى
السكينة, ان تطاول الامم على العرب والمسلمين واضح وجلي لان الفرقة قائمة بين اجزاء الامة العربية، والاعداء لا يخيفهم الا التجمع، ولا يريحهم الا التشتت،
والعرب يعون هذا الامر منذ فجر تاريخهم، ففي الجاهلية القوة للقبيلة الكبيرة، والضعف يصحب القبيلة القليلة العدد, وفي الاسلام اتسعت رقعة التجمع تحت راية
واحدة وَزَرعُ الفرقة هو مسلك الاعداء والامثال العربية تحذر من هذا المسلك (اكلت يوم أكل الثور الأبيض) لقد تجرأ على العرب والمسلمين من لا يدفع عن نفسه،
لان الهوان اذا سرى في الامة اصابها الخذلان والضعف، واذا نزع افراد الامة الى المطالب الكبرى حققوا الكثير، فالملك فيصل رحمه الله من تلك الفئة عندما نزع
به انتماؤه الى دعم مصر في حرب رمضان، فقطفت الامة العربية ثمار ذلك الدعم انتصارا رفع الرؤوس وبدد اليأس والقنوط,
ان المفاجآت التي تحدث لامتنا العربية ما هي الا نتيجة لأعمال حيكت ونسجت من قبل، وكأننا لم نسمع ولم نر الا عندما يحدث الخطب ، وتنزل علينا المصائب، انها
غصات تتوالى، فأين الأسي؟ لقد انتزع منبر السيف من اليابان فاتجهت الى منبر القلم، فابدعت، واحترمت,
اما امتنا العربية فلم يتحقق لها بعد في عصرها الحديث منبر القلم، فضلا عن منبر السيف,
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved