على الهامش
حسين المناصرة
بين النص والقارىء
مبررات نشوء الخطاب النقدي
،(ميلاد القارىء رهين بموت المؤلف) رولان بارت,
ثمة بعد ثقافي عمودي في مثل هذه القضية الاشكالية خاصة انها لا بد ان تفضي في نهاية المطاف الى بلورة حفريات في الابداع والنقد معاً، منها على سبيل
المثال: حضور أزمة النقد أو غيابها، وتجلي جمالية الابداع أو غيابها وتحقق مصداقية الخطاب الثقافي أو غيابها، وحضور قاعلية الكتابة- بغض النظر عن الأسماء-
أو غيابها الى آخر ذلك من حفريات تستحضر اشكاليات العلاقة بين النقد والابداع في زمكانية معينة,
ويمكن هنا الحديث عن انساق نظرية لمناهج معينة تحاول ان تضع نفسها في اطار الموضوعية المنطقية في رسم الجسور بينها وبين النص، بحيث تكون مبرراتها في نشوء
الخطاب النقدي وتكوينه مبررات تدعي الحيادية,, وبذلك قد نجد حوالي عشرين منهجاً على اقل تقدير ستقدم لنا ثقافة نقدية لثلاثة انواع على الأغلب من القراءات،
وهي الشاعرية والشارحة والاسقاطية كما حددها تودوروف وشاعت لدى كثير من النقاد,
إلا أنه يمكن البحث عن مبررات العمل المنقود في فضاءات متعددة، وهي بالتحديد اربعة فضاءات هي: ذات النص وذات مبدعة، وذات محيطة الموضوعي، وذات قارئه،
وبالتالي يمكن حصر مبررات نقد النص في عدة محاور تتداخل فيهاهذه الذوات الأربعة ان جاز لنا هذا التعبير، وأهم هذه المبررات:
التواطؤ (سلباً أوايجابا) بين القارىء والنص,
التفاعل الوظيفي مع المنابر الثقافية (الجريدة والمجلة والكتاب والندوة),،
الآلية الأكاديمية (التعليم والبحث) كضرورة دراسية,
التفاعل مع شهرة الأسماء (وذلك عندما تتحول الكتابة الى مغازلة اسماء مشهورة بالدرجة الأولى),،
متابعة الجديد وغير المألوف، والكتابة عنه بلغة استفزازية,
امتلاك العمل لوعية الإنتاجي في الرؤية والجماليات لتصبح الكتابة النقدية فاعلية ثقافية,,,,,,,,,, الخ,
وكل مبرر من هذه المبررات أوالمحاور هو قضية اشكالية في تصوري، وبالتالي لابد من البحث عن الاختلافات التي يمكن ان تنشأ في الاجرائية التي يمارسها القراء
في التفاعل مع النص، لأن هذه الأبعاد الإجرائية تجعل من كل مبرر يمتلك ثنائية ضدية، فهو بقدر امتلاكه لمبررات اهميته وتواصله مع الآخرين، يمتلك مبررات
هامشيته وانقطاعه عن الآخر، بمعنى يجب علينا ان نبحث عن التواطؤ القائم بين النص والقارىء، ونرى أهداف القراءة وخباياها المستورة، لنستطيع بالتالي ان نرى
مدى الحيادية او عدمها في صياغات التفاعل بين القراء والنصوص لنتمكن من أن نفرق بين النقد عندما يكون فعلاً ايجابياً او ان يكون فعلاً سلبياً، وكذلك يمكن
الحديث هنا عن صحافة ما تشكل خطاباً نقدياً مهماً، وصحافةأخرى قد تساهم في تشويه الفعل النقدي لأنها ببساطة صحافة متحيزة، هذا على اعتبار ان الصحافة هي
محور القراءات النقدية اليوم، وايضاً يمكن الحديث عن مبررات نقد شوفيني شللي لا يمتلك ايةمصداقية، ونقد آخر نقيض ايجابي,, وربما يمكن الحديث عن آلية
أكاديمية منجزة وآلية اخرى عادية ومسطحة,
وإذا أردنا ان نكون مثاليين في صياغة المبررات الايجابية للنقد أو للقراءات النقدية، فإننا نتفق على ان مبررات النقد الحقيقي والعمل المنقود في النص
النقدي تصبح مهمة اذا كانت جمالية ثقافية حيادية، وحينها تجعل من النقد فعلاً ثقافياً محكوماً بوعي انتاجي مصدره امتلاك النص/ العمل لشروط تميزه في جدلية
العلاقة بين الرؤية والأداة الفنية، وهنا سيحترم ناقد النقد بعض القدرات النقدية، في حين يرفض قدرات أخرى لا تقدم الا جسداً نقدياً منتنا على حد تعبير
بعضهم,
إن ا لنقد الجيد الحيادي يعيد انتاج النص الأدبي في جسد آخر لغوي يساهم في تقييم الحركة الثقافية الأدبية معطياً الجسد الأول (النص) مشروعية وجوده أو
مصادراً منه هذه المشروعية، وفي الحالتين يمارس الموضوعية النقدية لا اصدار الأحكام المزاجية والصيغ المعيارية الاسقاطية,
وفي ظل هذه العلاقة الحميمة المفترضة بين القارىء والنص لن تعود هناك مشكلة عندما تصور القراءة في بعض وجوهها على أنها تواطؤ من زاوية معينة، أو أنها
احتفالية باسم معين، أو أنها من أجل تواصل مع منبر ثقافي، أوأنها آلية أكاديمية، أو أنها تتقصد الحداثة والكسر، أوأنها تراثية، أو ما إلى ذلك ما دامت
الكتابة النقدية هنا مسئولة عن تشكيل الموضوعية وتغييب هرطقات التواطؤ,
ولعل الكتابة عن مبررات العمل المنقود ما زالت من الكتابات التي لم تعالج كثيراً في الدراسات الأدبية عموماً، لأن الحديث عن وظيفة الناقد من الناحية
النظرية قد يفضي الى شيء من هذا، وقد يفضي الى المقولة الشائعة الناصة على مشروعية كل كتابة نقدية بشرط أن تكون منهجية,, واذا حاول ناقد النقد الحديث عن
مبررات الكتابة النقدية، وتداخل الفضاءات المختلفة للعلاقات الشخصية فيها، فقد يجد نفسه امام مشكلة كبرى، سيختلط فيها الحابل بالنابل، وتصبح الاتهامات
مشرعة في الشوارع، وحينها تعم المصادرة والغوغائية,
ويبدو ان نظريات التلقي بدأت تعطي احتفالية خاصة لهذا النوع من الكتابة، لتصبح هذه الكتابة جزءاً مهماً من موضوع الدراسة والبحث في هذه النظريات، مما يؤكد
على احياء القارىء على حساب موت المؤلف، وهذا يعني ان وصف اي مبررات يقترحهاالنص على القارىء أو يقترحها القارىء على النص هي مبررات مقبولةومشروعة اذا
استطاعت ان تكون انجازية معرفياً وجمالياً، ويمكن ان يقدم نقد النقد (أو قراءة القراءة) مقاربات مهمة في سلطة النص على الناقد/ القارىء أو سلطة الناقد/
القارىء على النص,, وفي هذا السياق يجدر التفريق بين الدعوة الشوفينية الخاصة بانشاء الرابطة الأدونيسية التي نادى بها كمال أبو ذيب لإحياء المؤلف على
حساب بنية الخطاب وبين الدعوة العلمية الخاصة بانشاء الرابطة الشعرية التي هي صياغة لمبررات امتلاك الخطاب الأدبي لشروطه الذاتية القادرة على رسم
تفاصيلها على خريطة وعي القارىء الحي,


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved