ياسبرز وديانة الصهيونية السياسية العالمية
ابو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري
],, ثم يكون ملك اليهود هو البابا الحقيقي للمسكونة كلها، وبطريك كنيسة دولية عالمية ,
،(البروتوكول السابع عشر - بعد الكلام المتعلق بالبابوية مباشرة),،
,,, ومتى ما وضع ملك إسرائيل على رأسه المقدس التاج الذي تقدمه إليه أوروبا؛ فإنه يصبح أبا العالم ,
،(البروتوكول السابع عشر),،
,, متى ما ولجنا أبواب مملكتنا لا يليق بنا أن يكون فيها دين آخر غير ديننا، وهو دين الله الواحد المرتبط به مصيرنا من حيث كوننا الشعب المختار، وبواسطته
ارتبط مصير العالم بمصيرنا ,
،(البروتوكول الرابع عشر)،
وأما شباب الغوييم فقد فتناهم في عقولهم، ودوخنا رؤوسهم، وأفسدناهم بتربيتنا إياهم على المبادىء والنظريات التي نعلم أنها فاسدة,, مع أننا نحن الذين
لقنوهم ما تربوا عليه ,
،(البروتوكول التاسع)،
,, ويظل هذا الإنهيار في طريقه حتى تُستنزف قوى الإنسانية، وتهلكها الانقسامات، وتفشو بينها الكراهات والمكايدات والحسد والاستغاثات؛ طلباً للنجاة من
تعذيب الأجساد، كما تفشو المجاعات ونشر جراثيم الأمراض عمداً، فيستسلم الغوييم,, ,
،(البروتوكول العاشر)،
،***
إضاءة:
قال أبو عبدالرحمن: السعي إلى دولة عالمية يهودية واحدة هو الهدف الذي قامت عليه فكرة وفساد الصيهونية السياسية العالمية، وقد أُلِّفت في ذلك الكتب
الكثيرة والأبحاث، وكان الأغبياء يتبنونها باسم الدولة العالمية الواحدة، وباسم الدولة العلمانية الواحدة، وباسم النظام العالمي الواحد,
والفكرة أصلا دينية يهودية محرفة تدعي ظهور المسيا المنتظر؛ فيحكم العالم بالدين اليهودي بعد كفر وعفن يعم المعمورة,, ووجه التحريف أن الدين الإلهي الحق
عن نزول عيسى بن مريم عليه السلام آخر الزمان يحكم بشرع محمد صلى الله عليه وسلم,, وهذا حقيقة الوعد والبشارة في دينهم الصحيح؛ لأنه لا تناقض في الوحي,,
فحرفوا ذلك، وزعموا أن الحكم للمسيا اليهودي,, ولا يعرف في الدين الصحيح إلا الدجال الملعون وأتباعه من اليهود,
إذن الخبر انتقل من دين صحيح إلى دين محرف اعتقده متدينو اليهود؛ فكان ديناً ربانيا عندهم، ثم انتقل الخبر إلى دين وضعي هو الصهيونية السياسية العالمية ،
وقالوا: علينا أن نُعجِّل بالفساد في الأرض؛ لننصب الملك اليهودي العالمي، فهو المسيا المنتظر,, فالخبر وعد من الرب حدد زمنه، وعلينا نحن أن ننجزه
بالإفساد وتعيين الملك، ولم يضمن لنا الرب ان يتم العمل بدون جهدنا,
وحددوا فترة الدولة العالمية بقرن من الزمان ابتداء من قيام فكرة الصهيونية إلى حيز التنفيذ,, أي منذ عام 1897م إلى عام 1997م، ومددوها إلى نهاية عام
،2000م,
ووسائل هذا الحلم الأرعن الأسس التالية:
،1- إفراغ العقل من فكر صحيح، وشحنه بالفلسفات المتناقضة,
،2- إفراغ القلب من إيمان صحيح، وشحنه بما سمي واجبات الحق الطبيعي,
والقاسم المشترك لهذين الأساسين حرية الشهوات والشبهات، والإلحاد، وتسويغه، والتشويق إليه باسم العلمانية، والإخاء، والحرية، والمساواة,, ويتلو ذلك الكيل
الطافح من السباب والشتم للغيبيات والأديان، وإعمال أمتن حيل التشكيك فيها، ودعوى منافاتها للعلم والعقل بتضليل متعمد يكذب على الدين تارة، ويكذب على
العقل والعلم تارة، ويستغل أفكار وعقائد المحرفين الفاسدة، والأخبار المنسوبة إلى الوحي كذبا، المعمول بها عن المبتدعين جهلاً أو حمية,, يُستغل كل ذلك
لجعله عنواناً للدين دون استثناء دين صحيح,
،3- على اليهودي المتدين أن يقبل هذا الكفر الوضعي وسيلة لتحقيق الغاية التي يقرها تدينه، وإن لم يقبل فيجب تحييده بالقوة؛ لأنه لن يحكم يهود العالم غير
دولة إسرائيل العلمانية حتى يأتي الملك الداوودي اليهودي العالمي الذي يحكم البشر,
،4- لابد أن يكون للعالم قلب جهنمي تصدر عنه كل المتغيرات العالمية بما فيها توجيه دولة إسرائيل، ولا يمكن للبلهاء المقتنعين بأنهم ذوو الحكمة؛ لأنهم
طلائعيون، وأنهم رموز؛ لأنهم متخمون ثقافياً,, لا يمكن لهم التفكير بأن ذلك القلب الجهنمي الخفي هو فكرة الصهيونية السياسية ، بل يستخفون ذلك، ويرون أن
ذلك القلب الخفي قناعات العقل الإنساني المشترك بالحرية والعدل والمساواة والإخاء العالمي، والتخلي عن البراء والولاء الموصوف بالتعصب، ونبذ المعتقدات
الموصوفة بأنها مخلفات عصور الجهل والظلام,
قال أبو عبدالرحمن: فليكن ذلك هو اعتقاد البلهاء؛ فلا نزال نرد هذا السفه الفكري السلوكي إلى القلب الجهنمي الذي لم يكن خفياً اليوم إلا على السذج,, وشارك
السذج خيرون من الإسلاميين زعموا أن قدر اليهود أقل من ذلك، وأننا نرفع شأنهم، وأن الله أغير على عباده من كيدهم,, ومع هؤلاء قليل من الحق، وهو أن اليهود
لم يوجدوا كل حدث، ولم يزرعوا كل معتقد حائد، ولم ينتجوا كل فكر ضال، ولم يجبروا كل فرد على السلوك الرديء,, فهذا حق، ولكن الأحق الذي غفلوا عنه أن يهود
الصهيونية وظفوا كل ذلك بصياغات فلسفية عُني بها المفكرون على أنها عطاء إنساني نزيه عرضة للخطأ والصواب,, والتعامل مع الفكر المضلل عمداً بهذا المعتقد
جبرية فكرية، وجبرية سلوكية تنتج عنها,, والأحق أنهم وظفوا كل ذلك بصياغات قانونية وضعية تحكم المجتمعات وتتبناها الغوغائية بالتسويل والتشويق للشهوات
والشبهات، ويخضع لها الخيرون جبراً باسم سيادة القانون، وحماية السلطة العلمانية القائمة على اختيار مسبق وتلميع لمن يدين بفكر وسلوك الغوغائية، والقائمة
على بيع الضمير من أجل الزعامة والثراء والجاه,, وهذا العنصر ذو مقومات تفرد - بالعيان الذي لا يجحده إلا مكابر - اليهود بامتلاكه، وتلك المقومات:
أ - الاستيلاء على المال، وصنع المتغيرات الاقتصادية,
ب - المحاماة، وفرض القوانين الوضعية العلمانية على المجتمعات وفقاً للحق الطبيعي الذي برز فيه اليهود والماسون الجوييم بألمعية,, ورسالة السياسة واللاهوت
لسبينوزا اليهودي من الرموز الفكرية في هذا الباب,
وغبن النصراني الكاثوليكي من جراء تحطيم الأسرة مثلا، وعلنية الإباحية والمنكر: ليس بأقل غبناً من المسلم في دولة علمانية,
ج - السعي الحثيث للسيطرة على وسائل الإعلام، وصوتهم الآن هو المسموع المؤثر,
د - ملك وسائل الإغراء بالمال والملذات والتلميع وتبني بعض القيادات,, وهم لا يظهرون مباشرة، بل بواسطة إفرازات الجمعيات السرية التي يديرونها من وراء
كالمحافل الماسونية، وبواسطة تغلغل نفوذهم في الدول الكبرى,
ه - ملك وسائل الضغط بما يملكونه من أضابير سرية عن كل من يشار إليه بالبنان على وجه المعمورة,, وها هم اليوم غطَّسوا في الوحل زعيم أكبر دولة بفضيحة
جريمة هم الذين دبروها مسبقاً,, وتلك الجريمة قانونية للرجل العادي,
و - ملك وسائل التهديد والتصفية الجسدية بعشرات المافيا,
ز - تفوقهم في الاختراع والاكتشاف الكوني، وتوزعهم في دول العالم,, ينالون لفكرة الصهيونية ما يريدونه باسم المواطنة والجنسية,, وهكذا انضواؤهم في الوظائف
القيادية والتخطيطية والعلمية,, لا سيما أساتذة الكراسي في الجامعات الذين يتحكمون في مستقبل الطلبة دينياً وتاريخياً وفكرياً، والتغلغل في السلك
الديبلوماسي,
وقيادتهم الآن لمصير الدول الكبرى، وإقامتهم الحكم الشيوعي وإسقاطه في آن واحد: لا يماري فيه إلا من يصر على البراءة من التعرف على ما حوله,
قال أبو عبدالرحمن: حل عام 1998م وقرب عام 2000 ولم تقم الدولة اليهودية العالمية، فاستعجلوا ذلك بطبخات الكواليس التي انتجت ما سمي بالوفاق العالمي،
وسقوط الشيوعية، والعمل على الحيلولة دون قيام دولتين كبيرتين متكافئتين فأكثر لا يحكمهما وفاق واحد، وتفعيل الحروب الأهلية، والأزمات الاقتصادية,, ولابد
أن الصهيونية السياسية سترتكب حماقات في استعجال قيام دولة عام 2000، وستتحدى الدول الكبرى التي قامت دولة إسرائيل على قدراتها؛ وحينئذ يتحقق ما تدل عليه
كل المؤشرات من ثأر الدول النصرانية والإسلامية لإرث الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام: من الرد إلى الإيمان، وكيان الأسرة، وصلاح الأخلاق,, ويبقى
الخلاف ثمة بين أديان محرفة مبدلة منسوخة الشرائع وبين دين صحيح ناسخ عام مهيمن,, وتثأر لمقدراتها السياسية والاقتصادية والفكرية؛ فحبل الصهيونية الخانق
يحس به المسؤول السياسي في الدولة الكبرى الذي لا يستطيع أن ينبس ببنت شفه، ويحس به الكاثوليكي المغبون في دينه، ويحس به المفكر وأستاذ الجامعة,, وإذا
تفجر هذا الوعي إلى ثأر فسيكون ساحقاً؛ لأن المعاناة أليمة أليمة؛ وسيكون في هذا الثأر وعي الضمير العالمي الإنساني الذي تواطأ جمهوره على تشريد شعب
بأكمله في فلسطين، وفي ظلم المسلمين بكل بقعة,, وقد كانوا مع الضلال على خصال من الإنسانية قبل أن يسرق اليهود دينهم، ويربوهم على قسوة القلوب، ويفرغوا
وجدانهم من بقايا مأثور ديني لرسول كريم هو عيسى بن مريم عليه السلام,, كانت رسالته تجسيد أخلاق، وعمارة ضمير، وبث تسامح,, وسيعودون على الرغم من ضلال
التحريف في دينهم بعد الوعي المتفجر إلى ما كانوا عليه من خصال,, قال الإمام مسلم: حدثنا عبدالملك بن شعيب بن الليث: حدثني عبدالله بن وهب: أخبرني الليث
بن سعد: حدثني موسى بن علي: عن أبيه قال: قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقوم الساعة والروم أكثر الناس
,, فقال له عمرو: أبصر ما تقول,, قال: أقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه,, قال: لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالا أربعاً: إنهم لأحلم الناس عند فتنة،
وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، واوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف,, وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك,
حدثني حرملة بن يحيى التجيبي: حدثنا عبدالله بن وهب: حدثني أبو شريح: أن عبدالكريم بن الحارث حدثه: أن المستورد القرشي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: تقوم الساعة والروم أكثر الناس ,, قال: فبلغ ذلك عمرو بن العاص؛ فقال: ما هذه الاحاديث التي تُذكر عنك أنك تقولها عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم؟, فقال له المستورد: قلت الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم,, قال: فقال عمرو: لئن قلت ذلك: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأجبر الناس عند
مصيبة، وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم (1) ,
قال أبو عبدالرحمن: المدح من قبل عمرو رضي الله عنه، وهو من أعلم الناس بهم؛ إذ حكم مصر,, وقوله: وأمنعهم من ظلم بيان للخصلة الخامسة,
وقال محمد بن خليفة الوشتاني الأبي ]-827ه[: (ع) (2) هذا الحديث ظهر صدقه؛ فإنهم اليوم أكثر,
،(ط) (3) هذه الخلال الأربع الحميدة لعلها كانت في الروم التي أدرك، وأما اليوم فهم أنحس الخليقة، وعلى الضد من تلك الأوصاف,, قلت: هو مدح لتلك الأوصاف،
لأنها مدح لهم من حيث اتصافهم بها,, ويحتمل أنه إنما ذكرها من حيث أنها سبب كثرتهم، وإلا فهم على الضد كما ذكر,, ولاسيما فيما ذكر من كرهم بعد فرهم؛ فإنهم
الآن ليسوا كذلك,
،(ع) كذا هو للأكثر بالجيم، ورواه بعضهم: وأصبر بالصاد,, والأول أولى؛ لقوله في الآخر: وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة (4) ,
قال أبو عبدالرحمن: لا تقبل اللغة في هذا السياق تجريد المدح للصفات دون الممدوحين، بل السياق عن صفات حسنة أضيفت إليهم: فكانت مدحاً لهم بها,, ولو صح
كلام الأبي رحمه الله - وهو لا يصح ألبتة - لكان قول الأبي نفسه: أنجس الخليقة ذماً للصفة لا لهم!!,
ولا معنى لترجيح أجبر على أصبر بالجملة الثانية من الحديث الآخر؛ بل سرعة الفيئة انتهاء غير الصبر ابتداء، وأصبر نتيجة أجبر؛ فأجبر تعبير بالسبب,
وصح الحديث بأن المسلمين يصالحون الروم صلحاً آمناً، ويغزون عدواً من ورائهم,
قال أبو عبدالرحمن: والنصوص الصحيحة في ديننا تدل على أن الأرض ستعمر بالإسلام قبل فساد الكون كما في حديث نافع بن عتبة رضي الله عنه مما سمعه من رسول
الله صلى الله عليه وسلم,, قال: تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم تغزون فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله
،(5) ,
وأما قول بعض الخيرين: إن الله أغير على عباده من أن يستوعبهم كيد اليهود: فهذا صحيح بالنسبة للطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها إلى يوم القيامة,,
ولكن من بدل وفسد وأفسد من عموم الناس فإنه يفتن، وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ,, وقد وقعت هذه البلوى، وعرف بكل طرق التوثيق أنها فساد في الأرض يقوم
عليه اليهود فلسفة وفكراً وأدبا وقانونا وإباحية بكل وسائلها من الأفلام إلى سوق الرقيق الأبيض، وتدميرا للعقل بأنواع المخدرات، ومجاعات، وأزمات اقتصادية،
وحروبا أهلية، وكثرة قتل، وصنع أو تأزيم التوترات بين الدول,
وبعد ذلك فهذا البلاء فوق قدرهم الخائب - وهم أذلاء شذاذ آفاق -، وإنما اقترنت البلوى بقوة من غيرهم مسيَّرة بالتضليل، وبالضغوط الخفية,, يشير إلى هذا قول
الله عز وجل عن هؤلاء الملاعين: (لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون، ضربت عليهم الذلة اينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من
الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، ليسوا سواء، من
أهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون، يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من
الصالحين، وما يفعلوا من خيرٍ فلن يُكفروه والله عليهم بالمتقين) ]سورة آل عمران/111 - 115[,
،***
ياسبرز ونبوءة صهيونية:
قال ياسبرز: كل الظواهر في الحاضر تتخذ صورة المعركة التمهيدية نحو نقطة الانطلاق إلى المعركة النهائية في سبيل نظام كوكبي,, إن السياسة العالمية المعاصرة
تبحث عن قاعدة للتسوية النهائية,, وهل تتحقق بالوسائل الحربية أو السلمية؟,, وإلى أن نبلغ ذلك فكل الظروف وكل علاقات الدول موقوت,
والمشكلة هي: بأية وسيلة نبلغ وحدة النظام العالمي؟,, نبلغها عن طريق القوة اليائسة كما كان بالإمكان تحقيق وحدة ألمانيا الحديد والدم كما جاء على لسان
بسمارك (6) ، وقد نبلغها عن طريق نظام ينشأ بالمفاوضة عن تبادل الفهم الناضج بنفس الطريقة التي التمست بها ولايات شمالي أمريكا طريقها إلى الوحدة في القرن
الثامن عشر على حساب التنازل عن جانب أساسي من جوانب سيادتها الخاصة في سبيل سيادة المجموع,
ويكون شكل النظام في الحالة الأولى هو السلام الثابت الذي يفرضه حكم الاستبداد، وشكله في الحالة الثانية هو مجتمع سلمي يضم الجميع، وعرضة للتغير في إطار
من التطور والإصلاح الذي ترسمه الديمقراطية الدائمة,, ونستطيع أن نختصر هذين الاحتمالين إلى طرفين بسيطين متناقضين؛ فيصبح الخيار بين الطريقين إلى
الإمبراطورية العالمية، أو الطريق إلى النظام العالمي,
الإمبراطورية العالمية: هذه هي السلام العالمي على يد دولة واحدة تفرض إرادتها على الجميع من نقطة واحدة فوق الأرض، وهي تحتفظ بكيانها باستخدام القوة، وهي
تستخدم الارهاب والتخطيط الشامل؛ لصب الجماهير في قالب واحد بعد إزالة الفوارق بينها، وترغم الجميع على الأخذ بوجهة نظر عالمية واحدة تحددها خطوط عريضة
مبسطة تنتشر عن طريق الدعاية,, وتضطر الرقابةُ، وتوجيهُ النشاط الروحي هذه الدعايةَ إلى أن تلعب دورها في الخطة الراهنة التي قد يتناولها التعديل في أية
لحظة من اللحظات,
النظام العالمي هذا هو (7) الوحدة دون استخدام أية قوة في التوحيد سوى تلك التي نقبلها بقرار مشترك بعد المفاوضة، ويمكن تبديل النظم المتفق عليها
بقرارات أخرى تسير وفقا للطريق الثابت المشروع,, وقد قبل الجميع سيادة هذه الطريقة وسيادة قرارات الغالبية، وهي تضمن الحقوق المشتركة بين الجميع التي تحمي
كذلك أولئك الذين تتكون منهم الأقلية في الوقت الحاضر,, وهذه الحقوق تبقى نظاما بشريا يتبع في كل حركة، وفي رد النفوس إلى الصواب,
والنظام العالمي (مع إلغاء السيادة المطلقة) يعني إلغاء الفكرة القديمة عن الدولة في سبيل اسعاد البشرية، ولن تكون النتيجة حكومة عالمية (فتلك معناها
إمبراطورية عالمية)، وإنما تكون النتيجة نظاما ويعاد تأسيسه دائما بالتفاوض وإصدار القرارات,, نظاما من دول تحكم نفسها داخل مساحات مشروعة محددة,, نظاما
فدراليا (8) شاملا (9) ,
قال أبو عبدالرحمن: في دراسة لي منذ سنوات لقصة بنات آوى وعرب لفرانز كافكا رأيت هذا النذل اليهودي لا يتنبأ بحدث إقامة دولة إسرائيل في فلسطين نبوءة
استشراف فني بحدس إشراقة صفوية كما ينساق وراء مثل هذه الفكرة من لا يفرق بين منبعي المعرفة لدى الصهيوني وذوي الاستشراف الفني الإنساني المشترك (وهم كثر
كبديعة أمين وبعض كتاب مجلة المعرفة السورية),،
,, إن الذي عند كافكا رؤية لا رؤيا,, والذي عنده صياغة رمزية مضغوطة لملف بلفور المسبق على اليقين بأنه حاصل ولابد، وليس حلم موهوب قد يقع أو لا يقع,
وهكذا ياسبرز,, إنه يمهد لنبوءات البروتوكولات التي هي نص مكتوب,
وممارسة نشيطة,, ولكن بثعلبية تؤنِّس للوفاق العالمي (النظام) تمهيداً للاغتصاب العالمي (حكم الامبراطور الداودي),, وإلى أن يقرب التدبير إلى هذا الأمر
نقول كما قال الخيرون: إن الله أغير على عباده,, ونقول كما قال ديننا: إن الخير سيعم باسم الإسلام، ولا يفسد الكون وفي الأرض من يقول: الله الله!! وإلى
لقاء,
وكتبه لكم:
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
،- عفا الله عنه -
،*******************
،(1) صحيح مسلم م 9 ج 18 ص 230 - 231 بشرح النووي,
،(2) المراد القاضي عياض,
،(3) المراد القرطبي,
،(4) إكمال إكمال المعلم 347/9 - 348,
،(5) المصدر السابق ص 234,
،(6) جاء في موسوعة السياسة 543/1 - 544: بسمارك أتوفون ]1815-1898م[: سياسي بروسي كبير، ومن أهم العاملين على توحيد ألمانيا,, تولى منصب المستشارية من
عام 1871م حتى عام 1890م، وتعتبر أهم منجزاته تحقيق الحلف الداخلي، وإقامة الإمبراطورية الألمانية الثانية، ثم وضع بعض التشريعات الاشتراكية,
أما في حقل السياسة الخارجية فقد كان أعظم ما أنجزه هو تأمين مكانة كبرى في السياسة الأوروبية لبروسيا، ثم فيما بعد لألمانيا الموحدة,, وذلك بعد سلسلة من
الحروب الناجحة ضد الدنمارك عام 1864م، والنمسا عام 1866م، وفرنسا عام 1870 - 1871م,
حاول بسمارك أن ينتهج سياسة تعاون مع روسيا بغية العمل على عزل فرنسا ,
،(7) في الأصل: هذا هي,
،(8) في موسوعة السياسة 479/4 - 480: الفدرالية نظام سياسي يفترض تنازل عدد من الدول أو القوميات الصغيرة في أغلب الأحيان عن بعض صلاحياتها وامتيازاتها
واستقلاليتها لمصلحة سلطة عليا، موحدة,, تمثلها على الساحة الدولية، وتكون مرجعها الأخير في كل ما يتعلق بالسيادة والأمن القومي والدفاع والسياسة الخارجية,
والفدرالية السمة الأساسية في الأنظمة الحديثة التي تعمل على حل مشكلاتها القانونية والتنظيمية والسياسية التي تعقدت بفعل التبدل الاجتماعي والعلاقات
الدولية؛ فهي على الصعيد الداخلي تسعى لتنظيم أمور الدولة الداخلية؛ بهدف تسيير العمل والوظائف وتوزيعها ما بين السلطات المركزية والسلطات المحلية؛ بحيث
تحترم السلطة الفدرالية المصالح الخاصة للقوى المؤلفة للدولة الأم مقابل تنازلها عن صلاحيات الأمة العامة,
وعلى الصعيد الخارجي تلجأ الدولة الفدرالية إلى رسم علاقاتها الدولية لصالح مجموع الوحدات والكيانات التي تتكون منها,, فالفدرالية إذن تتعلق بالنظام
السياسي وبالتنظيم الإداري، وبتقسيم صلاحيات السلطات الحاكمة، وتنظيم العلاقات فيما بينها، وتأمين انسجامها؛ لتمنع تغلب طرف على طرف آخر؛ فتحصر قرارات
الدولة الفدرالية المركزية بالقمة، وتترك الأمور المحلية للسلطات الإقلمية,, والسلطات المحلية بدورها لا تخرج عن نطاق صلاحياتها؛ فهي لا تشرع للقضايا التي
تتعلق بالدولة المركزية رغم أنها تشارك في المؤسسات التي تعالج الأمور القومية، وتنظم هذه المؤسسات الصلاحيات، وتوزعها بشكل يؤمن استقلالية الوحدات
المكونة للسلطة الفدرالية، ويضمن لها المشاركة الفعالة في القرارات المركزية والمصيرية,
وفي القرن العشرين ارتبطت ظاهرة الفدرالية بمبادىء الدفاع عن حقوق الأقليات والاثنيات القومية، والدينية الصغيرة؛ بالتوجه نحو إضعاف مفهوم الدولة
المركزية؛ فتكثر الأنظمة الفدرالية حيث يكثر التنوع القومي والاثني والديني، فهي مطبقة في كل من الولايات المتحدة والأرجنتين والبرازيل والمكسيك وسويسرا
والاتحاد السوفيتي ويوغسلافيا واستراليا والهند واندونيسيا وغيرها من الدول,
وقد اختلف مفهوم الفدرالية، وكيفية تطبيقها من دولة إلى أخرى,, وبما أنها مفهوم سياسي يتعلق بالنظام السياسي والسلطة، وبما أن الديمقراطية، والتمثيل
السياسي، وتقرير المصير هي من المقومات الأساسية للفدرالية: فإنها بذلك دائما عرضة لسوء الفهم والتطبيق، ومعيارها الوحيد هو الديمقراطية، واحترام المصالح
والسيادة للدول والقوميات,
ويكاد مفهوم الفدرالية يترادف مع قول الفيلسوف جفرسون في القرن الثامن عشر: إن الدولة التي تحكم جيداً هي التي تحكم أقل,, فالتجاوب مع الحاجات القومية
والإقليمية هو معيار آخر للفدرالية,
ومن هنا فإن الدولة الفدرالية تكاد تكون النقيض للامبراطورية التي تتميز بمركزية شديدة، وبسيطرة المركز على الأطراف,
والفدرالية على أنواع ودرجات متفاوتة في الأشكال والصيغ التطبيقية؛ إذ تتراوح ما بين وحدة مطلقة (أو الاتحاد بين مجموعات متمايزة تماماً)، وتتمتع بحرية
كبيرة تكاد تصل حتى حق الانفصال,
ومسيرة تكوُّن الفدرالية نفسها تتبدل من دولة إلى أخرى؛ فبعض الفدراليات بدأت من وجود مجموعات وقوميات سياسية متفرقة تعاقدت على تبني سياسة مشتركة؛ فعقدت
فيما بينها وحدة فدرالية؛ لتتخذ قرارات مصيرية مشتركة,, بينما دول فدرالية أخرى بدأت كدولة مركزية موحدة تفرقت إلى وحدات وقوميات متميزة ومنفصلة نسبياً؛
سعياً إلى التمتع بحرية في قراراتها، واكتفت بإقامة علاقة فدرالية مع مجموعاتها الموحدة,
وغالبية الدول الفدرالية تعتمد نظام فصل السلطات,, والتمثيل الشعبي في الدول الفدرالية يكون عادة على مستويين يتجسدان في نوعين من المجالس التمثيلية:
مجالس منتخبة مباشرة من الشعب، ومجالس أخرى لها صفات فدرالية موحدة,, المجالس الأولى تعكس المصالح ووجهات النظر المحلية المختلفة للدول المؤلفة للكيان
الفدرالي وللوحدات الإقليمية السياسية، وتسهر على القرارات التشريعية للمجلس الثاني (الممثل للسلطة الفدرالية المركزية)؛ لكي تحمي كياناتها ومواطنيها ضد
أية إجراءات فدرالية فوقية أو مضرة بمصالحها,
والأمثلة كثيرة على الدول الفدرالية في العالم، ويمكن الاطلاع على طريقة عملها، وتنظيمها بالرجوع إلى النظام السياسي والدستوري فيها ,
،(9) آراء فلسفية في أزمة العصر ص 374 - 375 تأليف أدريين كوخ/ ترجمة محمود محمود عن العقل واللا عقل في العصر الحديث تأليف ياسبرز,


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved