رؤى وآفاق
ومرّ يوم البيعة
نتذكر في هذه الأيام وهي العشر الأخيرة من شعبان بيعة خادم الحرمين الشريفين، ففي مثل هذه الأيام تسلم الملك فهد مقاليد الحكم وقاد السفينة بحكمة ومهارة
إلى بر الأمان، وما زال يقودها - أيده الله وسدد خطاه - فمنذ أن تسلم القيادة إلى يومنا هذا والإنجازات تتوالى، فقد حقق لأمته في سني حكمه الأمن ورغد
العيش ورفعة الشأن، فالمملكة واحدة من دول المنطقة الهامة فلها سياستها المعتدلة واقتصادها الثابت، وتأثيرها الإقليمي والعالمي، ولم يحصل ذلك إلا بثقل رجل
الدولة الأول خادم الحرمين الشريفين,
لقد نذر نفسه للعمل الجاد في داخل البلاد وخارجها فنال السمعة الطيبة عند مواطنيه وفي أنحاء العالم وخاصة عند المسلمين في كل مكان,
لقد اختار لنفسه لقب خادم الحرمين الشريفين، وشرع في عمارة المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمسلمون يتوجهون إلى مكة المكرمة في كل
يوم وليلة خمس مرات، ويشد الرحال إليها في كل عام خلق كثير، فهي جديرة بالخدمة، وقدر ذلك رجل الدولة الأول فجعل همه المقدم على غيره عمارة الحرمين، فكان
في كل عام يطّلع في أيام زيارته لمكة على الخرائط ومخططات البناء، ثم ينتقل إلى موقع البناء ليقف بنفسه على ما أنجز، فإذا اطمأن على سير العمل في الحرم
الشريف في مكة انتقل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة فتفقد البناء بنفسه ووقف على كل صغيرة وكبيرة في المشروع، وقد جنى الحجاج
والمعتمرون ثمرة جهد خادم الحرمين الشريفين فخف الازدحام في المسعى والطواف، وتعددت مداخل الحرمين ووسعت الشوارع التي تؤدي إليهما، وقد لهج كل حاج ومعتمر
بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين، ولم ينس خادم الحرمين الشريفين المسجد الأقصى، فقضية فلسطين هي همه الأول منذ أمسك بزمام القيادة، فمن ناحية الدعم بالمال
عمّد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بجمع المال للفلسطينيين وقضيتهم، ومن ناحية الدفاع عن حقوقهم وقف - أيده الله - مدافعاً عنها في كل محفل
دولي، ولم تقتصر خدمة الإسلام على الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى، وإنما قام - حفظه الله - ببناء المساجد والمراكز الإسلامية في أنحاء العالم ووقف مع
المسلمين في كل مكان وساعدهم، والاهتمام الإسلامي والدولي لم يبعده - حفظه الله - عن الاهتمام بأمور شعبه، فقد سارت اهتماماته في خطين متوازيين هما
الاهتمام بالأنظمة والاهتمام بالمشاريع، أما الأنظمة فقد أنجز نظام مجلس الشورى وبرز المجلس، وكون وعمل ولله الحمد وله الآن ثمار تجنى ونظام مجالس
الامارات التي عرفت في المملكة أول مرة في تاريخها، وقد ساعدت المجالس أمير المنطقة في تلمس حاجات المواطنين، وأعمالها ظاهرة وملموسة، أما اهتمامه - حفظه
الله - بالمشاريع فيتمثل في مشاريع مثمرة منها مدينتا الجبيل وينبع الصناعيتان، فقد برزت المدينتان الصناعيتان في عهد خادم الحرمين وربط بينهما أنبوب نفط
فلم يعد البحر الأحمر بعيداً عن الخليج، وإنما قربته الهمة العالية وعزيمة الرجال، ومن المشاريع التي أنجزت في عهده الميمون شق الطرق في جبال السراة ونزول
السيارات عبر تلك الطرق من أعالي الجبال إلى أودية تهامة بالاضافة الى الطرق الواسعة التي تربط بين المدن في المملكة ومشاريع زراعة القمح التي برزت في
عهده - حفظه الله - تجربة رائدة للمملكة في مجال الزراعة، فقد بيع قمح المملكة في أوروبا وغيرها من بلاد العالم، ومن المشاريع الزراعية مشاريع الألبان
التي جاء أحدها أكبر مشروع البان في العالم، وحاز الجائزة العالمية، وخلف هذا وذاك فإن خادم الحرمين الشريفين رجل سياسة ورجل حرب حمى بلاده في وقت الأزمات
عسكريا واقتصادياً، وفي الوقت نفسه يتطلع الى المستقبل فهو لا يرضى بالتوقف، وإنما ديدنه العمل والرؤية البعيدة، حفظه الله وأدام عزه,
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved