Wednesday 29th December, 1999 G No. 9953جريدة الجزيرة الاربعاء 21 ,رمضان 1420 العدد 9953


رؤى وآفاق
مع سيرة المصطفى

ما أحوج شباب الأمة الإسلامية إلى قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مرات ومرات، ليتعلموا منها الاستقامة والأمانة والصبر، فالشباب اليوم قد توزعتهم الأهواء وتفرقت بهم السبل، وليس لديهم قناعات بالتزام الطريق السوي وهو الطريق الذي سلكه محمد بن عبدالله، فالمتأمل في سيرة المصطفى يقف على ماواجه نبي هذه الأمة من الأذى بأنواعه المختلفة، فقد نشأ صلى الله عليه وسلم شابَّاً تصحبه الاستقامة، حيث عرف في قريش بالأمين، فهذه الصفة جلبت إليه العمل، فقد أرسلت إليه امرأة فاضلة من قريش، هي خديجة بنت خويلد، تعرض عليه العمل في تجارتها، وقد استجاب لذلك واشتغل في مال خديجة بأمانة وإخلاص, إن كثيراً من شبابنا اليوم يطلبون العمل فلايجدونه، ولكنهم لم يبحثوا عن الأسباب التي توصل إليه،إن الشهادة لاتكفي لطلب العمل، فلابد من صفات تتوافر في الشاب، ويعرف بها وعندئذ تفتح أمامه الأبواب, لقد قَدَّمَت الأمانةُ محمداً من شباب قريش، فرضيت به القبيلة لوضع الحجر الاسود في مكانه، عندما تنازعت في أمر الحجر، وتوقف بناء الكعبة لعدة أيام، وقد قَدَّمَ أبو أمية بن المغيرة رأياً بأن يصطلحوا على أن يضع الحجر اول من يدخل من باب المسجد، فكان أول داخل النبي صلى الله عليه وسلم ، فرضيت به قريش، وقالت هذا الأمين، فأمر بإحضار رداء، ووضع فيه الحجر، ثم طلب من كل قبيلة أن تمسك بناحية من الرداء، فرفع الحجر إلى موضعه، ثم وضعه صلى الله عليه وسلم في مكانه, والمتأمل في سيرة المصطفى يقف على صفة الصبر التي لازمت نبي هذه الأمة في مواقف كثيرة في حياته، فقد صبر للعبادة في غار حراء، فكان يناجي ربه منفرداً في رأس جبل من جبال مكة حتى نزل عليه الوحي، وقد صبر على أذى قريش، فقد كان صلى الله عليه وسلم يحضر إلى جوار الكعبة فيصلي ، وكانت قريش تستهزىء به، فيصبر على ذلك، وقد امتد أذاها إلى ماهو أبعد من الاستهزاء، فقد قال أبو جهل: يا معشر قريش، إنني عازم على فضخ رأس محمد بحجر، فأسلموني أو امنعوني، وقد وعدته قريش بالحماية، فحمل الحجر، وأقبل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فلم يتمكن من إكمال جريمته، فقد قال: إنني رأيت فحلاً من الإبل منعني من ذلك, ومن مواقف صبره صلى الله عليه وسلم بقاؤه في غار ثور، على بعد مسير ساعة من مكة مع أنه مطلوب لقريش وصبره عندما أحاطت به قريش وهو في الغار، ثم صبره صلى الله عليه وسلم على سراقة بن مالك، الذي سار في طلبه، وهو في طريقه إلى المدينة، يقول سراقة: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجراً الى المدينة جعلت قريش مائة ناقة لمن يرده عليهم، فعزمت على رده، وركبت فرسي طمعاً في المال، وقد لبست لأمتي، وأخذت سلاحي، فبينما أنا سائر في طريقي عثر بي فرسي فسقطت عنه، فقمت من عثرتي، واستأنفت السير على فرسي، فلما قطعت بعض الطريق عثر بي فرسي فسقطت عنه، فقلت ماهذا؟! فقمت مرة أخرى وركبت فرسي، وسار بي حتى قربت من الركب، وفيهم الرسول صلى الله عليه وسلم،وهم ينظرون إليّ ، فعثر بي الفرس، وذهبت يداه في الأرض، وسقطت عنه، فلما انتزع الفرس يديه من الارض تبعهما دخان كالإعصار, لقد صبر الرسول في ذلك الموقف العصيب، وتابع سيره، ووصل إلى المدينة، وبما أن الصحابة رضوان الله عليهم يقتدون بالنبي في صفاته، ومنها الصبر، فقد صبر بلال بن رباح على أذى قريش، فقد كان يطرح في الظهيرة علىظهره في بطحاء مكة، وتوضع الصخرة على صدره، ويطلب منه الرجوع عن الإسلام او البقاء على تلك الحال، فيقول أحد أحد وقد ثَبَتَ النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين في بدر، فاقتدى به أصحابه، وصبروا حتى حققوا النصر على المشركين، وصبر صلى الله عليه وسلم في أحد حيث ظفر المشركون ببعض النصر، كما صبر على ما اصابه في جسده،وعلى فقد فرسان المسلمين، ومنهم حمزة، وصبر صلى الله عليه وسلم في حنين، فكان صبره قدوة للمجاهدين، حيث صبروا على ما اصابهم من سهام المشركين, إذا وقفنا على كل ذلك في سيرة المصطفى ألا نتأثر بصبره صلى الله عليه وسلم، كما تأثر الصحابة فنواجه الحياة مواجهة المؤمن الصابر؟
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

لقاء

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير







[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved