Wednesday 23rd January,200210709العددالاربعاء 9 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رؤى وآفاق
موسم ثقافي متجدد
د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل

مرحباً بالموسم الثقافي المتجدد، مرحباً بأيام الجنادرية في سنتها السابعة عشرة، عمر مديد لجنادريات المُستقبل، يتوافر فيها الوطن بكل مؤسساته وتاريخه وثقافته، مرحباً براعي التوجه إلى الجنادرية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، الذي يرعى افتتاح الجنادرية في هذا اليوم، إن عظمة الرجال تجسدها أفعالهم، فها هو عبدالله بن عبدالعزيز لم تشغله السياسة والعسكرية والاستقبالات المتواصلة لأبناء وطنه، لم تشغله تلك الأعمال عن الالتفات إلى الثقافة وتشجيعها ورعايتها، لقد أصبح الحرس الوطني مؤسسة ثقافية ترعى الثقافة في المملكة العربية السعودية، وفي الوطن العربي، على امتداد أرضه، فضيوف الجنادرية نخبة من مثقفي الوطن العربي، فتحت لهم المملكة مجال القول، والإدلاء بالرأي، في حرية تامة، لا يقيدها حزب، ولا تحد منها توجهات معينة، لقد أثبتت الأحداث العالمية المتسارعة التوجه الصائب للمملكة العربية السعودية، فقد عارضت المملكة الفكر الشيوعي الملحد، وأعلنت ذلك، ولم تراع فيه أحداً، وكشفت الأيام رؤية المملكة الصائبة، فقد زالت الشيوعية، وبقي التعريف بها في الموسوعات الفكرية، واختارت المملكة الاعتدال طريقا لها، ومسلكاً تنتهجه في جميع أمورها، فتبين للآخرين أن ما سعت إليه المملكة هو الصواب، إن أيام الجنادرية تحمل للزائر كل جديد في الثقافة العربية والفكر العربي، كما تحمل إليه الثقافة الشعبية بأنماطها المختلفة وفنونها المتنوعة.
إن إسهام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز في جنادرية هذا العام بمحاضرة عن خادم الحرمين الشريفين وقضية فلسطين دلالة واضحة على الدعم القوي لأيام الجنادرية من قبل أصحاب القرار، فسلمان بن عبدالعزيز عاش مع القضية الفلسطينية سنوات وسنوات، ولا زال يدعمها وينفذ ما يأمر به خادم الحرمين الشريفين، فالكل يتطلع إلى محاضرة الأمير سلمان، التي ستكون معلماً فكرياً في جنادرية (17) ومما تتميز به جنادرية هذا العام تكريم الأستاذ عبدالله بن خميس المفكر والشاعر، فقد خدم وطنه بشعره وفكره ومؤلفاته، فهو وعاء لثقافة هذا البلد يستحق منا كل تقدير، فالشكر للقائمين على المهرجان لتقديرهم من يستحق التقدير. وتقدير رجال الأعمال في المهرجان إشارة إلى أن الجنادرية ليست للتراث والثقافة، وإنما هي للوطن بكل أبعاده.
إن أيام الجنادرية المقبلة موسم فكر، ومعرض فن، واستحضار للتاريخ، ومضمار للفروسية، فالفكر السعودي والعربي عامة له النصيب الأوفر في أيام الجنادرية، والثقافة الشعبية لها حضور لا ينكر، فالشعر الشعبي يحظى بالمتابعة من قبل الزوار، فقصائد خلف بن هذال يتطلع إليها الحضور بكل اهتمام، فقصيدته في هذا الموسم ينتظرها المعجبون به بكل شغف، فهو الشاعر الشعبي الذي استطاع بشعره وصوته ان يُكَوِّن منزلة للشعر الشعبي في الجنادرية، حتى إن قصيدته هي المعلم البارز في جنادريات السنوات الماضية، ونتوقع أن تكون كذلك في هذا العام، لأن خلف بن هذال معين متجدد للشعر الشعبي، والفنون الشعبية في الجنادرية متنوعة، فالربابة لها عشاقها في خيمة الشعر، والعرضة السعودية محببة للزوار، وقد يشترك فيها كثير من الحضور ويجد الزائر للجنادرية تراث الأجداد ماثلا أمام عينيه، فأهازيج العمال نغمات متوالية يرفعها عمال الحرث، أو سائق السواني، فسائق السواني يتناغم صوته مع صوت المحال في ائتلاف مطرب، وتراث الأجداد في الجنادرية يجده الزائر في الزراعة المتمثلة في السواني، حيث يُرفع الماء من البئر في الغروب، ويُفرغ بسهولة، حيث تقوم الإبل بجذبه، ويقف الزائر على تحطيم القصب من قبل الدواب لاستخراج الحبوب، فالدواب تدوس الزرع الجاف في دورات متوالية، وحياة البادية يمثلها أحساء وَدِلاء وإبل، يقف عليها الزائر، فيطلع على نمط من الحياة، يمثل حياة الأجداد في الصحراء. والسوق الشعبي ينقل التاريخ إلى الواقع، فيجد فيه الزائر الحوانيت الضيقة، ففيها النجار والخراز والصائغ والخباز والجمال والحطاب، كما يجد في السوق تعليم الصبيان في ألواح الخشب، فالسوق نافذة حقيقية على التاريخ، يتيح للشباب والأطفال التعرف على الماضي عن قرب.
إن فتح الجنادرية طوال العام، واستثمارها سياحياً، كما أشار إلى ذلك صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز هو الطريق السليم لاستمرارية الجنادرية وإذا تم ذلك فلابد من السماح لأصحاب الحوانيت ببيع مصنوعاتهم للزوار، حتى يكون العمل في الجنادرية مثمراً وقابلاً للاستمرار.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved