Wednesday 13th March,200210758العددالاربعاء 29 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رؤى وآفاقرؤى وآفاق
ونستقبل العام الهجري بالتفاؤل والعمل
د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل

تنطوي صفحة العام الهجري 1422 في هذا اليوم، أو في اليوم اللاحق ونستقبل غداً أو بعد غدٍ عاماً هجرياً جديداً. لقد انطوى العام بأحداثه المؤسفة، التي وضعت العالم الإسلامي عدوّاً للعالم المتحضر، من خلال ما حدث من اختطاف الطائرات في الولايات المتحدة الأمريكية وما أعقب ذلك من حروب دامية في أفغانستان، ذهب ضحيتها البريء قبل الجاني. لقد أصبح المسلم مجرماً في أي مكان من العالم المتحضر، إنه عام ستبقى أحداثه الدامية في صفحات بارزة من صحف التاريخ، وعلى الرغم من تلك الأحداث التي امتد أذاها إلى طلابنا في الولايات المتحدة، فإن بلادنا بقيت بمنأى عن أنياب الغاشمين، لما يتحلى به ولاة الأمر في هذه البلاد من السياسة الحكيمة التي تقود السفينة بحكمة ودراية، في وقت تلاطم الأمواج واشتداد العواصف والرياح.، لقد رست سفينة القيادة على بر الأمان في وقت اشتداد أزمة الخليج، قبل عشر سنوات، فسلمت البلاد من أذى الحرب والدمار، وسلمت منجزات التنمية، وسار الإنجاز في طريقه، يبني اللبنات التالية في ثبات وتتابع.
لقد انطوى العام ودخل المملكة لا يُرضي طموحها، فالمشروعات التنموية لا تُبنى إلا بالمال، والمال يعتمد على النفط ، والنفط لا يثبت على حال، فمتى يعي شباب المملكة أن اقتصاد البلاد يُبنى على سواعد أبنائها، فكل عاطل عن العمل يؤثر في اقتصاد البلد سلباً وكل عامل ومجتهد يسهم في رفع اقتصاد بلاده. إنها همم الرجال تنهض بأوطانهم عن طريق العمل الجاد والدؤوب.
وفي العام الهجري المنصرم مرّت بنا مناسبة عزيزة هي عشرينية خادم الحرمين الشريفين التي قدَّرها رجال التعليم قبل غيرهم، فخادم الحرمين الشريفين هو رجل العلم في هذه البلاد، حيث عاش مع التعليم في أولى خطواته وسار معه في رعاية متتابعة حتى أصبحت بلادنا و لله الحمد تتقدم على كثير من البلدان المجاورة في مجال التعليم، ثم إن خادم الحرمين الشريفين يستحق التقدير من كل مواطن، فهو رجل الأمن، وهو قائد السفينة، فله من أبناء شعبه الحب والتقدير والاحترام.
لقد انقضى العام والسفينة تسير بأمان، والتنمية تسير بحسب خططها، فالتعليم في ازدياد، والمشروعات الزراعية تسهم في الأمن الغذائي، والمشروعات الصناعية في تطور، والعمران ينمو، والمدن تتسع، فلله الحمد والمنّة على ما أنعم على هذه البلاد من نعمة الأمان وسعة الرزق ورغد العيش.
وفي هذا اليوم ونحن نقف على عتبات عام جديد، لابد من الالتفات إلى قاعدة تاريخنا الهجري، وأن أساس هذا التاريخ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، عندما خرج من مكة مع رفيقه أبي بكر قاصداً غار ثور في جنوبي مكة، فبقي صلى الله عليه وسلم في غار ثور ثلاثة أيام حتى خفَّ عنه الطلب، وبعد هذه الأيام الثلاثة حضر الدليل عبدالله بن أرقط، ومعه الجمال، لتبدأ الرحلة المحفوفة بالمخاطر، ولكن عناية الله ترعاها وترقبها. لقد خرج الركب القليل من جنوبي مكة قاصداً ساحل البحر، فسار في طريق غير مسلوك حتى عارض طريق المدينة في عُسْفان، وعلى الرغم من هذا التخفي، والحرص على أن تتم الهجرة بدون أحداث، إلا أن سراقة بن مالك تابع الركب، فعثرت به فرسه فقام من عثرته وركب فرسه واستأنف سيره، فعثرت به فرسه مرة ثانية، فقام من عثرته الثانية وتابع سيره، ولما اقترب من الرسول صلى الله عليه وسلم عثرت به فرسه، فعلم أن عناية الله مع محمد«صلى الله عليه وسلم» ورفيقه أبي بكر.
وقد وصل صلى الله عليه وسلم إلى قباء، فاستبشرت به المدينة، وتأسست دولة الإسلام، وعزَّ جانبها، وانتشر الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، ثم انتشر في العراق وبلاد فارس والشام، وقد تأسس التاريخ الهجري من خلافة عمر بن الخطاب، واختير المحرم ليكون أول السنة الهجرية ومنذ خلافة عمر بن الخطاب ودولة الخلافة الراشدية والأموية والعباسية ثم الأيوبية والمملوكية والعثمانية تؤرخ بالتاريخ الهجري، ولم تتخل عن التاريخ الهجري الدولة الإسلامية إلا بعد أن شاع التعليم الأوربي في البلاد الإسلامية فحلَّ التاريخ الميلادي في كثير من بلاد المسلمين محل التاريخ الهجري، وجهل التاريخ الهجري من قِبل المسلمين، فلا يعرفه إلا المتخصص في التاريخ.
وبقيت بلادنا ولله الحمد «المملكة العربية السعودية» تستعمل التاريخ الهجري في معاملاتها الرسمية وفي تعليمها، فامتد استعمال هذا التاريخ المهمل في البلاد الإسلامية في بلاد الحرمين.
وهكذا نستقبل العام الهجري في المملكة العربية السعودية بالبشر والفأل الحسن، والعمل من أجل العالم الإسلامي، فحج هذا العام دليل على ثمرة العمل، فلم تحدث فيه حوادث ولله الحمد، فشباب المملكة قاموا بواجبهم خير قيام. اللهم اجعل هذا العام عام تخليص الأقصى من الاحتلال اليهودي، اللهم يسِّر أمور المسلمين، وأصلح أحوالهم، وأعن ولاة أمورهم، إنك على كل شيء قدير.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved