Thursday 16th May,200210822العددالخميس 4 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

دماء الشهداء شاهدة على العجز العربي دماء الشهداء شاهدة على العجز العربي
م/ أسامة عبدالله عليان

الهجمة الصهيونية الأخيرة على مدن ومخيمات الضفة الغربية وما صاحبها من صمود أسطوري للمقاتلين الفلسطينيين في مخيم جنين ونابلس، والتهديد الإسرائيلي باجتياح قطاع غزة، كل ذلك يأتي في سياق خطة إرهابية صهيونية مدعومة بضوء أخضر أمريكي، تستهدف وقف الانتفاضة ووأدها، عبر استخدامها لكافة وسائل الترهيب الإجرامية، ولكن الحقيقة التي يجهلها أو يتجاهلها الصهاينة أن هذه الوصفة العدوانية «السحرية» ليست هي الأولى، ولن تكون أحسن حالاً من وصفات العلاج السابقة للتعامل مع الانتفاضة، والتي بلغت حد قصف الشعب الفلسطيني بطائرات «الإف 16» و «الأباتشي» وقذائف الدبابات! لذا، فإن مصير «الوصفة» المذكورة هو الفشل والانتكاسة، وستبقى الانتفاضة مستمرة، والمقاومة متواصلة، لأن «الوصفات» الأمنية الجديدة، مهما بلغت وحشيتها، ولا إنسانيتها، لن ترهب الشعب الفلسطيني، ولن تثنيه عن مواصلة مقاومته وجهاده، فهذا الشعب الذي قدم خلال تسعة عشر شهراً 2000 شهيد و40 ألف جريح، وآلاف المعتقلين وفق آخر الإحصائيات-، تعايش مع الشهادة والتضحيات والمعاناة، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياته، ولم تعد لغة الإرهاب والعدوان والقتل تخيفه، بل تزيده إصراراً بمواصلة طريقه، خصوصاً أنه لم يبق عنده ما يخسره.
إن انتفاضة الأقصى المباركة جسدت ورسخت حقائق ينبغي النظر إليها من قبل جميع الأطراف المعنية بجدية، وأهمها: أنه لا تعايش مع الاحتلال، وأن أي معالجة قسرية أو سلمية لا تلبي تطلعات الشعب الفلسطيني، ولا تتجاوب مع حقوقه في دحر الاحتلال، لن يكتب لها النجاح، وستبوء بالفشل والخسران المبين.
إننا نرجو ألا تكون المرحلة القادمة -في ظل الحديث عن مؤتمر دولي للسلام في الصيف القادم- مرحلة إعادة تأهيل المزاج الشعبي الفلسطيني والعربي لترويضه للقبول بما هو مرفوض حالياً من حيث تأهيل العدو الصهيوني ليكون مقبولاً فلسطينياً وعربياً وإسلامياً، للوصول إلى وضع يقبل به المفاوض الفلسطيني بالصيغة الأمريكيةوالصهيونية للحل بما فيها التنازل عن القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
إن المطلوب الآن ليس البحث عن كيفية إحياء المفاوضات العبثية مع العدو المحتل، وإنما البحث عن بديل حقيقي لكل هذه المهزلة، والعودة إلى أحضان الشعب الدافئة وإعادة الاعتبار للبندقية المقاتلة، ووقف العبث بمشاعر شعبنا وخداعه.
المطلوب هو التصالح مع الشعب وإطلاق سراح المجاهدين والمعتقلين السياسيين وإعلان فشل نهج التسوية والاستسلام، والاستعداد لدفع ضريبة الكرامة والتحرير والتوقف عن لعب دور حارس الإحتلال وعصاه الغليظة ضد المجاهدين، وإعطاء شعبنا وقواه المخلصة الفرصة الكاملة كي تتعامل مع الاحتلال باللغة التي لا يفهم غيرها.. لغة الجهاد والاستشهاد.. لغة الصمود والمقاومة.
الحقوق تنتزع انتزاعاً، وتؤخذ عنوة، ولا يمكن أن توهب أو تستجدى.. خاصة مع عدو متغطرس لئيم كالعدو اليهودي المحتل.
إن دماء الشهداء التي تسيل على ثرى فلسطين الطاهرة يومياً، هي شاهدة على العجز العربي - الإسلامي، وهي شاهدة على الظلم الذي يعانيه الشعب الفلسطيني، والانحياز الصارخ لقوى الاستكبار مع العدوان والطغيان ضد المستضعفين والمجاهدين، وستكون تلك الدماء الطاهرة الزكية لعنة على كل المتخاذلين والمتآمرين والمتواطئين.

كاتب فلسطيني - الرياض

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved